حول الفخ العسكري .. والحلقة الأخيرة ..

on Tuesday, June 19, 2012


 كان حتمياً أن أكتب في هذه اللحظات  العصيبة ..
مستقبل وطن .. وثورة .. وأمل شهدت مولده ...
ربما أصعب اللحظات في تاريخ الثورات هي تلك التي يستشعر بها الثوريون إنهم هزموا ..
وأن كل ما بذل من تضحيات ذهب أدراج الرياح ...
فجأة تجد المشوار الطويل الذي قطعته آملاً أن تجد في نهايته الراحة ..
هو خط البداية مرة  أخري ..
لكن بعدما بلغ بك الضيق والتعب مبلغهما ..
وهنا .. إما أن تؤثر الراحة قليلاً ..
وإما أن تستشيط غضباً فتبدأ الكرة من جديد ..
==
الثورات بطبعها  تقارب أسطورة سيزيف ..
البطل الروماني الذي يدحرج الصخرة أعلي الجبل فما أن يصل حتي تهبط من جديد ..
فيعود البطل سيزيف لدفعها بلا كلل او ملل..
لكن لحظة هبوط الكرة هذه ..قاتلة بالفعل ..شريط كامل يمر علي خاطرك فيه تفاصيل غاية في الدقة
تزيدك ألماً وحزناً ..
==
منذ يومان كتبت هنا متنبئاً فوز شفيق بالرئاسة ..
كل الشواهد كانت تؤدي إلي هذا ..
وتفكير المجلس العسكري النمطي والمألوف علي مدار عام ونصف كان يؤكد هذا ..
في عالم الشطرنج ..
لا توجد خطط ( غير معروفة ) ... توجد خطط ( غير مألوفة ) ...
يباغت بها الخصم الذكي خصمه حين يدرك ان هذا الخصم صار يحفظه عن ظهر قلب ..
والحقيقة ان الثوار والمجلس العسكري ألفا بعض كثيراً ..
لذا تغيير الخطط كان حل أمثل للتغلب علي هذا ..
وكان للمجلس العسكري السبق في إستيعاب هذا الدرس وتنفيذه ..
الخطة الغير مألوفة .. والتي علي بساطتها  تجعلك تتشكك في نفسك ..
وتتردد ألف مرة ..
وتراجع خطواتك الف مرة قبل التحرك ...
وتخطو وأنت تثق في أعماقك إنك مخطئ لكن لا مناص ..
الخطة الغير مألوفة .. تحمل عنوان : أجعل الخصم يستشعر تفوقه..
أمنحه شعوراً زائفاً بالنصر ..
شعوراً بأنك خائف ومتردد وربما إنك أحمق كذلك
لا يهم ..
يضحك كثيراً من يضحك أخيراً ..
هكذا فعل المجلس العسكري ..
مرر تحت أنوفنا جميعاً طعم ان المعركة انتهت .. قاب قوسين او ادني من النهاية ..
من النصر ..
من إحياء الثورة ..
وفي هذه اللحظات ...
ننتظر الضربة القاتلة ...
دعونا نتفق علي ثوابت .. ونستبعد ما هو غير ذلك ..
-         المجلس العسكري ظهره للحائط ويحمي وجوده ووأفراده ومقدراته من الحماية والمسائلة والتتبع .
-         لا يوجد وقت لمزيد من ألعاب الحواة .. صارت الحقيقة والأمر الواقع  أفضل من أي شيء مهما بلغ وقاحته أو جرأته .
-         لن يؤدي العسكريين التحية العسكرية لمدني .. وفوق ذلك إخواني .
-         الشرعية لرئيس منتخب هي أقوي من ألف إعلان دستوري وألف قانون ولن يمكن مجابهتها لفترة طويلة
-         الإنتخابات ولجنتها ومسئوليها عليهم من الغبار ما يكفي .
إذا سلمنا بكل هذا ..
سنجد أنه من الصعب جداً أن يُترك مرسي ليفوز بسباق الرئاسة ..
بقي أن نعرف كيف يتم تمرير شفيق وسط كل هذه الفوضي دون مزيد من الخسائر ..
تم منح الإخوان الثقة في النصر ..
وأن مرشحهم علي بعد خطوات من قصر الرئاسة ..
ومنحوهم كذلك أدلة ممثلة في محاضر اللجان الفرعية والأساسية ..
فماذا تريدون أدلة أكثر ثبوتاً من هذه ..
وأنطلق الإخوان في كل حدب وصوب يحتفلوا بالنصر ..
ويعلنون أدلتهم الممنوحة لهم ..
ووسط هذه الأفراح ..
يصدر الإعلان الدستوري القاتل المكبل لصلاحيات الرئيس ..
ويبدأ الحراك الثوري التفاعلي  الرافض ..
ويزيد المجلس العسكري الأمور تعقيداً بإقرار قانون الضبطية القضائية ..
وبحل مجلس الشعب ..
وتعيين رجال له في مؤسسة الرئاسة دون الانتظار لتواجد الرئيس .
و تصدر عدة تصريحات مقتضبة حول : النتائج الغير رسمية .. والنتائج الغير معتمدة .. والنتائج التي لم تعتمدها لجنة الرئاسة .. والنتائج التي لم تزل تتوالي في اللجان الإنتخابية ..
ويسود الصمت المتخاذل معسكر شفيق ..
ويختفي شفيق تماماً من الساحة .. فلا يعلق او يدلي بتصريح حتي ..
ووسط كل هذه الأنباء .. تتواتر أخبار حول صحة مبارك ووفاته إكلينيكياً وسوء حالته الصحية التي أستدعت نقله فوراً لستشفي المعادي العسكري .
كل هذا أكد لللإخوان .. وللجميع تقريباً .. أن مرسي هو الفائز وان كل هذه اجراءات احترازية للحد من سلطاته وتهديده للمجلس العسكري .
كل هذا بدا منطقياً .. وتفاعلنا جميعاً معه .. لكن فجأة :
يخرج فاروق سلطان رئيس الدستورية واللجنة العليا .. ويقول ويشدد علي أهمية الطعون وحتمية الفصل فيها حتي لو تأخر إعلان النتيجة ..
وتتواتر الأنباء عن الفرح في صفوف حملات شفيق وصلف في تصريحاتهم بعدما كانت منكسرة . وعن تجاوز مرشحهم  المنافس بفارق ضئيل لكنه كاف للفوز ..
وهنا يبرز في رأسي الإحتمال الرهيب ..
ماذا لو كان كل هذا جزء من ( خطة الخداع الإسترتيجي ) المعتاد الذي يمارسها العسكر بكفاءة من عام 1973
الوهم ..
إيهام الخصم .. وإلهاءه ...
لم يزل شفيق هو المرشح الأمثل لهم .. والأكثر راحة ..
فماذا لو تم قبول الطعون وإضافة أصوات له وحجب أصوات أخري عن مرسي ؟؟
يتشبث الإخوان كثيراً بمحاضر اللجان الفرعية والأساسية  لكن من تحدث عن نتائج اللجان ..
نتحدث عن تزوير ممنهج .. وأكثر إحترافية
نتحدث عن لجنة محصنة القرارات ..
وطعون  لا يفصل بها أحد سواها ..
فماذا تنتظرون ؟؟
وحين تأتي النتيجة الصادمة بفوز شفيق ...
ومع أول شعور ة بادرة  غضب سيكون الرد الجاهز : هذا إنقلاب علي الشرعية .. ولابد من تقبل نتيجة الصندوق ...وقضائنا شامخ لا يأتيه الباطل من بين يديه أو من خلفه ..
وهذه اللجنة هي من قادتكم للفوز بالبرلمان .. وأوصلتكم لجولة الإعادة ..إلخ ........
سيفقد الزخم الثوري شرعيته آنذاك .. وقمعه سيكون ( مبرراً ) .
ويظهر شفيق في هدوء ودعة .. مخاطباً أنصاره أنه إحترم القانون فلم يتحدث إلا بعد النهاية .
لا أدري أو يدري أحد ماذا سيحدث آناك .. لكن كم الإحباط سيكون ضخماً .. والله أعلم بما ستسفر عنه الاحداث ..

اليوم خرجت مظاهرات ضخمة تنادي بإلغاء الاعلان الدستوري .. علي أساس أنه مكبل لصلاحيات المرتقب ( مرسي )
وينتظر العسكري في مكر ..
وأكاد أجزم انه سيستجيب للرغبة الجماهيرية  ويلغي او يعدل الاعلان لكن مع فوز شفيق ...
ولو حاول أحدهم الإعتراض ..
سيكون السؤال :ألم يكن هذا ما أردتموه
كل قطع البازل تكتمل .. وتوضح بببساطة المأزق الذي وضعنا به المجلس العسكري علي أرض الواقع لم يكن ليجول بخاطرنا مهما بلغنا من سعة خيال ..
لنا 3 أيام نتورط في خطة العسكري .. ونمنحها شرعية مراراً وتكراراً ..
للحظة كنت أتساءل .. أحقاً كانت إنتخابات  نزيهة ؟؟
ويأتي الجواب في صورة ضحكة ساخرة مجلجلة ....
اللهم أخلف كل ظنوني .. وأجعلني مع الحمقي سواء بسواء ...
أرتضي هذا عن طيب خاطر .. ولا أرتضي أبداً أن يحكمني لص .. 
وقاتل ...

====
الحمدلله الذي أخلف ظني ولم يولِ علينا لص وقاتل كأحمد شفيق

ألا إن نصر الله قريب ...

on Thursday, June 14, 2012


صدر حكم الدستورية العليا  بعدم دستورية  قانون العزل السياسي ..
كذا عدم شرعية مجلس الشعب وحله بالكامل ..
عودة للمربع صفر ..
لكن المجلس العسكري أكثر من مستعد للمربع صفر
مستعد بقانون طوارئ جديد ..
مستعد بإعلان دستوري يحدد الجمعية التأسيسية للدستور ..
مستعد بشفيق رئيساً يشارك في إخفاء ما لا يجب إظهاره ..
مستعد بجهاز أمني أسترد شراسته و عافيته في عام ونصف ..
مستعد بدعم إعلامي رهيب ضد كافة الفصائل المعارضة ..
مستعد بملايين الدولارات من دول الخليج لإشعار الشعب بسيولة الأمور ..
مستعد برصيد ضخم من الكراهية لفصيل الإخوان تسببوا به لأنفسهم ..
مستعد بألف شيء وشئ يكسب به ثقة الشعب البسيط ..
ومعزز بقوة عسكرية رادعة  قادرة علي نسف أي ثورة ووأدها في مهدها ..
نطق شفيق بـ ( كش مات  ) ...
وعلي الثورة وفصائلها أن تموت الآن ... أو تبقي للأبد ..
==
أتحدث قليلاً عن الإخوان ..
أحاول من قلبي  أن أشعر بالتعاطف معهم للحظة ..
لكن للاسف لست قادر فهذا صنع يديهم ..
أكتسبوا كراهية الجميع في وقت قياسي بسبب شراهتهم للسلطة من جهة .. وتصديقهم للسلطة الفاسدة من جهة ..
ظنوا خطأ أن الفساد يمكن التوائم معه ..
وتلجيمه ..
وتحييده ..
ناسيين أو متناسين أنه ثعبان أرقط ..
يداهن كي يصل للهدف فقط .. ثم تأتي اللدغة القاتلة ..
حتي في اللحظات الأخيرة ..
لم يقدموا بارقة خير أو بصيص أمل للشعب بتأسيسية الدستور ..
لم يصنعوا تكتيك إستراتيجي بكسب القوي لجانبهم تحسباً لموقف مستقبلي ..
مشكلة الإخوان بكل صدق .. أنهم ظنوا أنفسهم أكثر حنكة ..
وأكثر ذكاء ..
وأكثر دهاء ..
وأكثر مكراً ..
وأكثر قوة ..
وأكثر قدرة علي الإمساك بتلابيب الأمور ..
وهم ضخم عاشوا به .. وساعدهم المجلس العسكري بتضخيمه وإشعارهم أنهم قوة لا يستهان بها .. فجاراهم وفاوضهم ومنحهم شعوراً زائفاً بالقوة .
ثم أتي وقت إنهاء دور الشطرنج الذي طال كثيراً مع هاو ..
ظل المجلس يلعب  بهدوء أقرب للضجر .. حتي سئم اللعبة كلها فآثر إنهائها ...
وإنهاها للأبد ..
فهو لم يعد يريد العودة للجلوس مع الهواة ثانية ..
لعل أكثر ما يؤلم حالياً هو إنضمام الكتلة الحرجة إلي الثورة المضادة ..
فعلياً نواجه أشقائنا وأقاربنا ..
بالأضافة للقوة الكاسحة الأمنية التي تعود بتأييد شعبي ..
بالإضافة للقوة القضائية الفاسدة ..
والقوة الإعلامية الهاردة بالزيف ..
نواجه كل هذا بدون عنصر المفاجأة ..
بدون تأييد شعبي ..
بدون فصيل وقيادة منظمة ..
الحقيقة لم تذخر كوابيسنا بسيناريو أكثر سوءاً J
بقي فقط إعادة الإخوان للمطاردة والسجون ..
ونعود سيرتنا الأولي ...
في اللحظة الحالية لا نستطيع أن نتساءل عن حلول سحرية ..
علينا تطبيق نظرية التراجع التكتيكي ..
علينا جميعاً أن نتعلم من أخطائنا ..
وأولنا الإخوان ..
تبقي خطوة أخيرة قد تمنح أملاً في المستقبل ..
أن يتراجعوا عن إكمال المهزلة الرئاسية ..
ويضعوا أنفسهم كقوة تنظيمية تحت تصرف شخص يجيد التعامل مع العسكري. ولا أجد خيراً من البرادعي في هذا الصدد  .

  لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ

خطة المكوث الآمن




المجلس العسكري مل اللعبة ..
وادرك أنه قد حان وقت إنهائها ..
الحقيقة قد طال أمدها كثيراً ..
لا ينكر أحد أن تكتيكات وإستراتيجية المجلس العسكري كانت ناجحة ومؤثرة علي المدي الطويل ..
وكانت النقلات المدروسة في عناية والخطط والخطط البديلة عاملاً مؤثراً في ترجيح كفته علي القوي الثورية المشتتة بلا قائد حقيقي في الواقع ..
وغداً ..أو اليوم علي وجه الدقة ..
يحكم المجلس سيطرته علي الرقعة  كلها .. ليحاصر الثورة بشكل إحترافي تمهيداً للكلمة الخالدة : كش مات ..
اليوم ..
تفصل المحكمة الدستورية العليا في شرعية ودستورية قانون العزل الذي أقره البرلمان والكفيل بتنحية شفيق عن الساحة إلي غير رجعة .
كما تفصل في شرعية وجود مجلس الشعب وهو قرار طال أمد إنتظاره كثيراً .. وخطوة قاتلة أرجأها المجلس العسكري مراراً  رغم منطقية تنفيذها ومعرفة الجميع بها وتوقعها .
وبعيداً عن إحتماليات هذا أو ذاك ..
ودون أن ندخل أنفسنا في تفاصيل قانونية .. ودهاليز لا قبل لنا بها ..
فمن الواضح أن أي قرار بلانسبة لكلا الأمرين مفيد للمجلس العسكري وحده دون غيره ..
فأي قرار سيمد فترة وجوده أو علي أضعف الإيمان .. قوة نفوذه ..
إعتقادي الشخصي .. – بعد عام ونصف من ألفة أساليب المجلس العسكري  - وخططه وإستراتيجيته
أنه سيصدر قراراً بعدم شرعية قانون العزل .. وبالتالي يكمل شفيق سباق الرئاسة ويترقي من مجرد عسكري بسيط  ليصبح  وزيراً حراً يجول في الرقعة يميناً ويساراً ..
يأكل هذا ويقتنص ذاك ...
ويحمي هذه القطع او تلك من الفسدة والقتلة .
وعلي الصعيد الآخر .. إما أن يحل مجلس الشعب وينذر هذا بغضبة هائلة لا يعلم الا الله وحده مداها ... رغم مشروعية قرار الحل ورغم وجود سابقتين في تاريخ البرلمان لنفس السبب وتم الحل .
أو أن يرجئه كورقة ضغط أخري يضمن بها انصياع الإخوان في المرحلة القادمة ويذلل بها لشفيق عقد صفقات معهم  .
تبحث عن القوي المستفيدة .. فتجدها أولاً وثانياً وثالثاً المجلس العسكري .
ويأتي تالياً المنتفعين ورجال الأعمال وشبكة الفساد الضخمة التي تركها مبارك تهدر من وراءه .
وقد يأتي أخيراً في ذيل القائمة الإخوان المسلمين كمنتفع إذا ما عقد صفقات مع العسكر ومندوبهم شفيق .
==
نعود لرقعة الشطرنج ونرتفع لنتأملها بنظرة فوقية ..
فنجد الموقف سئياً بالفعل ..
وتكاد تكون كل المخارج مغلقة ..
فلا وسيلة لهجوم مضاد ..
ولا هجوم إنتحاري بتكسير القطع مع بعضها البعض ..
ولا وسيلة لتقليل الخسائر ..
بقي الأمر الوحيد الممكن ...
الأعتماد علي سهو أو غباء الخصم ...
ولي عودة بعد الحكم ..