الشارع لمين ...........

on Saturday, January 26, 2013



هبطت اليوم للمظاهرات وفي قرارة نفسي أشعر بالشتات ..

ولا أدر ما السبيل للخروج من الدوامة التي نحيا بها مؤخراً ...

هبطت للشارع وكلي أمل ان يقوم الوجدان الجمعي المصري بحل الموقف ..........

تذكرت وأنا أسير في شارع شبرا متجهاً للدوران كل لحظة من هذا اليوم ..

الساعة الثانية ظهراً ..

ورؤيتي للبطلة بثينة كامل تجابه الأمن المركزي وجنوده وضباطه تشرح لهم أنها تملك من رغد العيش ما يكفيها .. وانها ما هبطت الا للبلد ولهم وللفقراء ..

هتاف : تحيا مصر زلزل القلوب ورأيت التعجب في وجوه الأمن المركزي ...

كيف يهتف أعداء الوطن بأسمه ...........؟؟

رأيت الخوف في عيون المحيطين والترقب والتوتر ..

ورأيت الوحشية والعنجهية والغرور في أعين كل ضابط ومخبر يحيط بنا ..

رأيت بأم عيني عشرات يعتقلون ويضربون بقسوة رهيبة ..

رأيت كيف ينكسر جدار الخوف أمام القمع ..........

كتفاً لكتف .. أرتطمت بصديق العمل ( مارمينا )  .. ومعه بهاء وزوجته .. ( عرسان جداد ) .. هبطوا في حب الوطن .....

نصاري كما يطلق عليهم السلفيين ..

مسيحيين كما يطلق عليهم الإخوان ...

كان كتفهم ملاصق لكتفي ..

حب الوطن وكره الفساد جمعنا ...

اختلف الدين .. واتفق الوطن .......................

عيش حرية عدالة إجتماعية ...

صدحنا بهذا الهتاف في شتاء يناير .. فكان دفئاً أنار قلوبنا وثبت أقدامنا ..................

==

واليوم .. ذات التوقيت ..

أسير واتذكر هذا . ..

وأتذكر مارمينا وبهاء وزوجته دينا ...

قد هاجروا للولايات المتحدة الآن .....

ولم يتوقف حب الوطن في قلوبهم ..
===

لكن غصة حلقي كانت مقيتة بالفعل ...

طالعني أول ما طالعت مجموعات البلاك بلوك بزيهم الأسود وأقنعتهم السوداء ..

والراية الضخمة جداً بحرفي ال B







بالأضافة لرايات 6 إبريل الخفاقة وعليها صور الشهداء الحسيني أبوضيف شهيد الإتحادية بيد الإخوان


والشهيد جابر ( جيكا ) شهيد محمد محمود 2 بيد الداخلية 



ما ملأ ذهني أن المكسب الوحيد الذي لم يسلبنا إياه أحد حتي هذه اللحظة هو كسر حاجز الخوف .

مجرد وجود كل هؤلاء الثائرين لجواري كان يمنحني إطمئنان لا مثيل له .

مطالبنا وتحركاتنا في سبيل الوطن وحده ولا شيء سواه .

فتيات بلدي نموذج رائع فتنني دائماً ..

أحدهم ترتدي زي البلاك بلوك ..

وأخري تحمل أوراق توعية بحتمية المظاهرات ..

وثالثة تحمل الطبلة لشباب الالتراس

ورابعة توثق المظاهرة عبر تويتر او بالتصوير

فخور بفتيات بلدي ..

فخور بكل فتاة وسيدة احتوتها المظاهرة ..

فخور بإنتمائهن وصلابتهن ..

وهو مكسب ثان يحاول الأوغاد والإخوان والسلطة سلبنا إياه بعمليات تحرش ممنهجة وعمليات سحل وإرهاب وإعتقال وإعتداء وضرب ولم يفت هذا بعد في  قلوبهن .


==

فقط لم يرقني قصر الهتاف علي الإخوان ..

عليك تذكير الناس دوماً بما يوحدهم ..

العيش .. الحرية .. العدالة الإنسانية

أهتف للشهداء ...

أهتف للغلاء ...

أهتف لمصر ..

ستجد الجميع بلا إستثناء يهتف من قلبه .. لن تجد إنقسامات ..

لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ...

==

كانت صور شهداء شبرا تنحدر من بناياتهم ....

ورايات صور الشهداء ترفرف من حولنا ..

تذكرني في كل لحظة إن نارنا لم تبرد لحظة علي شهيد واحد ..


==

مرة أخري أري الأسر المصرية تنزل بكامل أفرادها .. رجالاً ونساءاً وأطفالاً ورضع .. كباراً وصغاراً .. طاعني السن وشباب ..

هتف الجميع اليوم ضد الأخوان ....

رموز كثيرة جداً أحترمها كانت في المسيرة من شبرا ...

رموز أقف لها وأنحني وأرفع القبعة إحتراماً ...

البطل أحمد حرارة


دكتورة مني مينا ...



كل له في قلبي تقدير ومكانة ..

هم من أعتبرهم شهداء أحياء في سبيل ما يؤمنون به ..

أفضل كثيراً من كثيرون منا ..

لا يرتضوا الحياة كراماً .. ولا يبغون ترك الآخرين يحاولون حتي .......

======

أهم ما في المسيرة حين تم مهاجمتها في الشارع الضيق بجوار سوق التوفيقية قبل شارع 26 يوليو مباشرة ..

بدأ الهجوم بإصطياد ما بعد مقدمة المسيرة والذي كان يتقدمها شباب 6إبريل حاملين رايات الشهداء ..


في لحظات أنقلب الموقف ..

أعظم مخرج عنف في العالم لم يكن ليستطيع تلخيص الموقف المأساوي ..

مسيرة آمنة تماماً ..

زاخرة بأطفال ونساء وعجائز خرجوا يهتفوا ضد طغيان وبغي السلطة ..

طوب من كل حدب وصوب وصوت الخرطوش يدوي ببشاعة ..

وتطور الأمر إلي زجاجات ...

ثم قوالب بلاط !!!!

رأيت بأم عيني فتي أستقبل بلاطة تهشمت نصفين علي رأسه فخر صريعاً ...

ورأيت أخري تهبط بذات الكيفية علي زجاج سيارة شخص لا حول له ولا قوة فيتهشم الزجاج كالرمال المنثورة ..

ووسط كل هذا الدمار ..

تفتق الوجدان الجمعي عن هتاف واحد : الشعب يريد إسقاط النظام ..

مئات التقطوا صخوراً يردوا بها العدوان ..

مئات هرعوا يحمون رؤوس المجاورين لهم بكراتين ..

مئات  هرعوا محاولين إقتحام ومحاصرة البناية التي ينهال منها الهجوم علي رؤوسنا ...

المئات أنقلبوا أسوداً جسورة لا تهاب أي شيء ...

وبعد لأي ..

سيطر أهالي البناية نفسها علي المعتدين ويتضح كونهم أفراد موقع إسلام أونلاين في ذات البناية ...

لقد سحلوا ضرباً..

واشتعلت النيران والدمار في سوق التوفيقة إثر زجاجات المولتوف ..


الأمر الذي أثار أستيائي كثيراً هروع عربات الأطفاء في زمن قياسي ليعترضها شباب المسيرة مانعين إياها من التقدم  بل وتمت مهاجمتها وإجبارها علي التراجع !!!

لم تكن النيران في منطقة تجعلها تمتد للبيوت .. لكن الفعل نفسه أخرجني من حالة الغضب الشديد إلي حالة التفكر ...

ليس صحيحاً أن تأخذ البعض بجريرة آخرين ..

الفوضي الضاربة في الشارع أمامي ورغم إنقاذها للمئات من المتظاهرين .

لكن ما أستقر في ذهني إننا نعيش فوضي عارمة ...

لم يعد هناك وجود للسلطة او الدولة في الشارع ..

هذا سببه أولاً وثانياً وثالثاً : غياب العدل .. وعدم القصاص ..

من قتل يقتل مرة أخري دون عقاب ..

ومن فقد صديقاً أو عزيزاً أدرك أنه ليس هناك مناص من شريعة الغاب ..

لدينا قتلة لا تسمح الشرطة بعقابهم ...

ولقتلة لا يسمح الجيش بعقابهم ..

وقتلة لا يسمح الإخوان بعقابهم ..

وقتلة لا يسمح السلفيين بعقابهم ..

ووراء كل قاتل سلسلة أخري ...
وهكذا ..

فكيف تريد منا أن نتناسي ببساطة كل هذا الدم ........

كل هذا الألم ...

كل هذه المشاعر ...

ونفتح صفحة جديدة قوامها ليس العفو ...

وإنما الرضوخ بالأمر الواقع ...........

والإذعان لكل ما يحدث دون تذمر ....



غياب العدل والقصاص مقدمة لأي شيء وكل شيء ..

لا يمكنك لوم الناس ..

لقد بدأت السلطة تسن سنة سيئة .. فأتبعها الناس وهم غير ملومين ...

لا يمكنك القتل ببساطة ثم إيهام الناس بأنك تعقد محاكمات عادلة طويلة الأمد تقتلهم بها يومياً

تذكرهم بها في كل يوم وكل طلعة شمس ..

قد تستطيع تمرير هذا مرة .. واثنين وعشرة ..

لكن بالتأكيد ليس إلي الأبد وليس في كل الوقائع ...

حين يذوق الشعب يوماً مذاق إنكسار السلطة والبطش والقوة .. ويكسر بأيديه خوفه ..

صعب جداً أن تعيده داخل الشرنقة مرة أخري ......



لقد تحرر هذا الشعب .. وما يطلبه ليس كثيراً .. ولا بعيداً ..ولا عيباً ...

ينتظر عكس كل ما كان يعيش به ..

ينتظر الأمن والكرامة والشبع ورغد العيش والإحترام والتقدير والإطمئنان

ينتظر آدميته التي سلبت منه سنيناً طويلاً ..

فقط ينتظر الخلاص ..........

اليوم ..

مع كم البشر الذين صادفتهم ..

تكررت كلمات صلاح جاهين في مخيلتي ..


قولوا له يا اولاد الشارع لمين؟
قولوا له ليكون البعيد غفلان
الشارع لنا، إحنا لوحدنا
و الناس التانيين دول مش مننا،
دول ناس أنانيين في مكانهم واقفين, دول مش مننا




ماذا ننتظر من 25 يناير 2013؟

on Friday, January 25, 2013


بعيداً عن الدوامة التي تجرنا جميعاً  .
أتوقف لحظات لأفكر في الوضع الحالي ..
يسألني كل من أعرفه : حنعمل إيه في في 25 يناير ..
والسؤال في حد ذاته يحمل إلي مشاعر سلبية بالإمتعاض ..
وكأن الثورة صارت تنتظر وتتحدد بيوم 25 يناير .. وكأن مهما زادت الأمور غياً وإضطراباً فلا يصح أن نثور إلا 25 يناير ..
حصر الأمر في يوم والحشد له هو بداية الفشل ..
لأنك أرتبطت بشئ زائل .. يبدأ وينتهي خلال 24 ساعة
النزول للشوارع ليس هدفاً في حد ذاته .. بل هو الوسيلة ..
الوسيلة لماذا ؟؟
أنا نفسي أجد طوفاناً من الطلبات يعجز جني مصباح علاء الدين عن تلبيته ..
طلبات ما قامت الثورة لأجله ..
وطلبات نتائج الأحداث طيلة الفترة الإنتقالية للعسكر ..
وطلبات ما بعد تولي الإخوان الحكم ..
مصيبة حين تدرك إنك لم تحقق شيئاً طيلة عامين ..
لم تقتص للشهداء ...
لم تعد هيكلة أكبر وزارة فاسدة في تاريخ مصر وأقصد بها الداخلية ..
لم تحاكم رموز النظام السابق علي إفسادهم وفسادهم لمصر طيلة الأعوام السابقة ..
لم تستعد ملايين الوطن المهربة للخارج تحت سمع وبصر سلطاتك الإنتقالية ..
لم تقم عدالة إجتماعية ..
لم تؤسس لحرية أو لديمقراطية ..
لم تكتب دستوراً معبراً عن مصر الثورة وحلم الشباب ..
لم تخلق قيادات شابة تتولي المسئولية وسط كل هذا القطيع الخمسيني والستيني والسبعيني ..
لم تؤسس لنهضة إقتصادية تسترجع بها قوة دولتك في المنطقة والعالم ..
الفقراء يزدادون فقراً .. والأثرياء يزدادون ثراءاً ..
وسياسات دولتك لم تزل متخبطة تائهة حائرة تعتمد علي رجال النظام السابق المنتشرين كالجراد الذي يأكل الأخضر واليابس
كان الهتاف ولا يزال ...
عيش
حرية
عدالة إجتماعية