في ذات الخندق

on Monday, April 4, 2011
الجميع يكتب هذه الأيام ..
يكتبون بغزارة وإفراط ..
يكتبون كل شيء وأي شيء يخطر ببالهم ..
هناك حالة من الإفراغ النفسي الرهيب في المجتمع هذه الأيام ..
ربما الآن أستطيع تفهم سر رغبة الجميع في الكتابة ..
نعاني جميعاً من نفس الحالة ..
التشبع ...
متشبعون بالأفكار والأحلام والآمال والمخاوف ..
ونتساءل في كل يوم ولحظة أين المفر وإلي أين المصير..
====
عن نفسي لا أجد سوي المخاوف ..
والقلق والتوتر والترقب يحكموا كل تصرفاتي ..
كما قلت دائماً : لقد خشيت اللحظة التي أموت فيها دون أن أري هذه البلاد كما أتمني ..
واليوم بعد تحقق المستحيل .. يعز علي كثيراً أن أعود لذات المشاعر ..
يعز علي أن أتخيل إن الأمور ستعود إلي سابق عهدها مهما بذلنا .
====
كنت أقول لنفسي : هل أخطأت هذه الثورة حين لم تنتهج طريق الثورة الفرنسية في إعدام كل رموز الملكية والفساد ؟
لكن واقع الأمر - إذا اردنا الدقة - لم تقم الثورة الفرنسية بين عشية وضحاها بهذا ..
وبالعودة لكتب التاريخ خاصتي .. وجدت أن الثورة الفرنسية قامت علي 3 مراحل :

المرحلة الأولى (يوليو 1789 - اغسطس 1792)، فترة الملكية الدستورية: تميزت هذه المرحلة بقيام ممثلي الهيئة الثالثة بتأسيس الجمعية الوطنية واحتلال سجن الباستيل، وإلغاء الحقوق الفيودالية، وإصدار بيان حقوق الإنسان ووضع أول دستور للبلاد.
 
المرحلة الثانية (اغسطس 1792 - يوليو 1794)، فترة بداية النظام الجمهوري وتصاعد التيار الثوري حيث تم إعدام الملك وإقامة نظام جمهوري متشدد.
 
 المرحلة الثالثة، (يوليو 1794 – نوفمبر 1799)، فترة تراجع التيار الثوري وعودة البورجوازية المعتدلة التي سيطرت على الحكم ووضعت دستورا جديدا وتحالفت مع الجيش، كما شجعت الضابط نابليون بونابارت للقيام بانقلاب عسكري ووضع حدا للثورة وإقامة نظاما ديكتاتوريا توسعيا.

===
أين مصر من هذه الثورة ؟؟
نتفق مع الفرنسيين ان الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية هي مفجر الثورة لكننا لم نتخذ طريقاً واضحاً بعد ..
هل نحن في مرحلة تأسيس الدولة تشريعياً ودستورياً ؟؟
أم في مرحلة الحساب والعقاب ؟؟
واقع الأمر إننا لسنا بهذا أو ذاك رغم التعديلات الأخيرة والإعلان الدستوري ورغم بدء المحاكمات ( المحدودة ) إلا إننا لم نزل نرفع قدم وننزل أخري ولا ندري أين نتجه .
ربما لأن زمام الحكم ليس بأيدي الثوار .. بل بيد قوة مسيطرة علي مقاليد الحكم فعلياً .
====
يوماً بعد يوم ..
عدم وجود خطة واضحة
عدم وجود إجابات واضحة ..
عدم وجود محاسبات وقصاص ..
كل هذا يزيد من إحتقان النفوس ..
ويزيد غضب الصدور ..
وسنجد انفسنا نقفز لتنفيذ القصاص والعدالة بأيدي الثوار لندخل دوامة الفوضي التي دخلتها الثورة الفرنسية .
===
الخطر الحالي الذي يجابه المجتمع المصري والثورة المصرية هو خطر التقسيم
خطر المؤيدين والمعارضين ( أياً كان وجهة الأختلاف )
خطر التقسيم لفصائل دينية ( إخوان - سلفيين - أقباط )
لعبة فرق تسد من أقدم وأنجح وأرخص اللعبات في تاريخ الإنسانية
فوائدها لا تحصي ولا تصد
وفي ظل غياب الوعي ..
وفي ظل الفرحة العارمة أو اليأس العميق
تكون سلاحاً خارقاً لأي دروع

الثوار نفسهم بدأوا ينقسموا بإختلاف أفكارهم ..
بعضهم يدعم التوقف وبعضهم يدعم إستمرار العمل الثوري
بعضهم يريد إجابات واضحة وبعضهم يغض الطرف
بعضهم يري أن الضغط وسيلة للكسب والبعض الآخر يري الضغط يولد الإنفجار ..
ونسي الجميع أن النصر بدا بسبب توحدهم ضد عدو واحد وفي سبيل هدف واحد
الحقيقة إن الثورة لم تنتصر ..
ولم تحصل علي مكاسبها بعد ..
فعلام نختلف ؟

الانقسام - التخوين - الاختلاف يعطي المبادرة لكل منتفع وسارق وخائن من العهد البائد أن يزيد الصدع ويوسع الهوة .
لابد من الالتفاف معاً مرة أخري تحت راية الثورة وتحقيق أهدافها كاملة أولاً
وحمايتها ثانياً ..
ثم وقتها نبدا في التفكير بالإختلاف

بداية الإختلاف للثورة الفرنسية - بريشة جاك لوى دافيد