في رحاب كنائس شبرا ...

on Thursday, April 13, 2017




في منطقة شبرا حيث الغالبية العظمي  للسكان مسيحيين.. 
الكنائس هي السمة المميزة للمنطقة .. 
ولا ابالغ حين اقول ان بين كل كنيسة وأخري .. كنيسة .. 
في شبرا لا نحتاج أن نؤكد ان الدين لله والوطن للجميع .. 

فقد نشأت وجيراني مجدي وسامية وآمال وفي المدرسة كان رفقائي عادل كميل وسامح عوني وسامح ميشيل ومارليز وماريان وكانت شقيقتي في مدرسة نوتردام  والآن ابنتي ترتاد مدرسة القديسة مريم.

 لم نستشعر اختلافاً الحقيقة .. وفي حصة الدين كنا نحمل كتبنا ونتجمع مع مجموعتين من فصول أخري لقلة عدد المسلمين فلم نستشعر اضطهاداً او كوننا أقلية .. 
حضرت احتفالات عيد الميلاد وغنيت مع الرفاق جوني وصمويل احتفالاً بميلاد السيد المسيح ..

ايقونات الشهيد مارجرجس والبابا كيرلس السادس والسيدة العذراء والسيد المسيح ولوحة الميلاد هي اول ما وقعت عليه عيني  في طفولتي .. 

في ٢٥ يناير وفي المظاهرات الاولي  كان لجواري  بهاء وزوجته دينا والعزيز مارمينا .. جرينا سوياً وتعرضنا للضرب سوياً ..وهربنا سوياً ..

و في مظاهرات ماسبيرو انضممت لمئات المتظاهرين المنددين بحرق كنيسة أسوان وسرت لجوارهم كتفاً لكتف وشهدت بداية المذبحة حين القي علينا العشرات الحجارة في كمين مدبر عند نفق شبرا.. 
شهدت علي سلميتهم وعلي عشرات العجائز والاطفال الذين اصيبوا غدراً بلا ذنب جنوه ... 
شهدت بأنهم لم يهاجموا الجيش كما اشيع بل قتلوا دهساً عن عمد ..
انا لم انس للحظة هذا اليوم .. 

ربما بعض الرفاق المسيحيين قد نسوا هذا الدم وهذا التاريخ .. لكنني لم أنس .. 

شهدت رعبهم من الاخوان .. والتفافهم وتأييدهم للسيسي رغبة في حمايته او اهتمامه ..
وشهدت العديد من الحوادث التي ألمت بهم وكان لإهمال الدولة دوراً فيها سواء بعهد مرسي او السيسي علي حد سواء .. 

كنت أدرك إنهم يعاملون كورقة رابحة يلعب بها الحكام بخسة متي أرادوا .. 
كل هذا تاريخ كان ركناً من وعيي .. 

اليوم وبعد التفجيرات الخسيسة التي نالت  الآمنين المطمئنين في دور عبادتهم .. 
أستشعر ألمهم وحزنهم وغضبهم ..
لا يوجد ما يكفي من كلمات تشرح أي صدمة تحدث حين يتم استهدافك في أكثر مكان تعتبره آمناً .. 

اليوم خميس العهد ... 
وهو ذكرى العشاء الأخير للمسيح مع تلاميذه وهو اليوم اللى غسل فيه أرجل تلاميذه ووعظ فيهم بأن يحبوا بعضهم البعض كما أحبهم هو وترك لهم وصيته ..

في المعتاد .. وقبل التفجيرات كان حرم الكنائس مؤمناً بسياج الحديد حولها .. والذي يمنع انتظار اي سيارة  وهو الامر الذي ضاعف عذاب قاطني المنطقة من الشوارع الضيقة أساساً لكن لم يلق هذا تذمراً أو غضباً بل تقبله الجميع برحابة صدر وسعة أفق مثالية رغم انه كان يشكل مشكلة بالفعل  ..
التواجد الأمني كان كالعادة من فرد او اثنين من الداخلية مع افراد من الكنائس علي الابواب .. وفي الكنائس الكبري لربما تجد ضابط وفردين آخرين ... 

اليوم قمت بجولة غير مقصودة في منطقتي وهالني ما رأيت .. 

الشوارع المحيطة بأي كنيسة مغلقة بالكامل في وجه السيارات والمارة علي حد سواء .. 
علي رأس أي شارع  يوجد فريق من كشافة الكنيسة بزيهم المميز يطالعون في أدب جم الهويات الشخصية لأي شخص يريد الدلوف او المرور بشارع مغلق .. 
لا استثناء لمخلوق سيدة. أو رجل فتي او فتاة .. شباب أو كهول ...
كافة الحقائب يتم الاطلاع عليها قبل السماح بالمرور .. اتحدث عن بعد لا يقل عن ٣٠٠ متر من اي كنيسة وهو أمر مفزع لو تخيلت اصلاً انك في منطقة تعج اساساً بالكنائس .. 

الملاحظة الثانية ان كافة فرق الكشافة يحمل قائدها أجهزة اتصال لا سلكية خاصة للتواصل .. 

الملاحظة الثالثة يزداد الأمر صرامة لو اقتربت من محيط الكنيسة .. وتقريباً الشارع الذي به بوابة الدخول محرم دخوله الا لو انت بطريقك لداخل الكنيسة نفسها وعليك وقتها ان تثبت كونك مسيحي أولاً .. 

الملاحظة الرابعة هو ان التواجد الشرطي ممثل في سيارة شرطة كاملة مسلحة بالكامل امام كل كنيسة لكن الملاحظ ان دورها يقتصر علي التواجد .. كان الكشافة يقومون بكل شيء بلا كلل أو ملل . 

كل ماسبق كان ضرورياً لندرك حقائق مجردة .. 

ان بغض النظر عن كل ما يقال .. فان شعب الكنيسة فقد الأمل تماماً في كفاءة الاجهزة الشرطية ولا يعول عليها .. ويلجأ الآن لحماية نفسه بكل ما اتيح له من وسائل .. 
لم أستسغ مطلقاً فكرة ان يمارس الأفراد ما يجب علي الشرطة النظامية فعله .. ليس دورهم ولا يجب ان يكون .. وهو ارهاص مقلق بأن علي كل فئة الاعتماد علي نفسها .. ذكرتني مشاهد اليوم بذكري كمائن مابعد الثورة في الشوارع والتي قام بها سكان كل منطقة للدفاع عن نفسهم ضد أخطار مجهولة . الفارق الوحيد وقتها اننا كنا صفاً واحداً .. الآن الحماية علي أساس عنصري بحت وهو أمر مقلق ..

لا أدعي الحظة اني الوم الأصدقاء المسيحيين علي خوفهم او قلقهم .. بالعكس أتمني لو وقفت لجوارهم أحمي وأدافع عنهم .. أنا أدعمهم بالكامل .. ليس أبشع من أن تستشعر عدم الأمان في أي مكان ..

حقاً فات أوان كل هذا بعد التفجيرات ... من ضرب ضربته انتهي بالفعل .. ولن يعاود الكرة الآن ..

إنما أكره وبشدة ان يدفعني فشل الدولة الذريع الي جو محتقن ومتوتر كهذا الذي نحيا به ..
أكره وبشدة كذلك ان يتم اختزال المصاب في زيارة عزاء يقوم بها رئيس الدولة للقيادة الكنسية في شكل نمطي لا يقدم أدني شيء للمصاب الفادح والجرح العميق في جدار أمن وعقل المسيحيين .

أكره وبشدة أن نظل جميعاً غير مدركين ان فشل هذه الدولة يطالنا جميعاً ويضربنا في مقتل .. 

رحم الله شهداء هذا الوطن ... يظل نهر الدم يجري لأننا لا ندرك بعد ان الخلاص يكمن في الحرية والعدل .

0 تعليقات:

Post a Comment