قطاع غزة في قلب التحرير

on Wednesday, December 28, 2011

مصر علي الجانب الآخر
منذ نهاية معارك محمد محمود  ووضع الحائط الخراساني  في منتصفه ..
وأنا أتساءل عن المغزي من وضعه ..
لم تكن المرة الأولي التي يحدث بها اشتباكات لكن الاستراتيجية هذه المرة كانت مدعاة للتساؤل ..
لو كان الجيش وضع عدة مدرعات متقابلة وخلفها الجنود  لكان الأمر قد انتهي ..
وانتهي منذ بداية الأحداث .. لا بعد أربعة ايام كاملة من الكر والفر والشهداء الذين تساقطوا كالمطر ...
كانت إستراتيجية الحائط الخراساني تتكرر دون سبب ..
خصوصاً بعد فشل ذات الاستراتيجية عند السفارة الاسرائيلية ..
كان هناك هدفاً غير مفهوم ..
خصوصاً كون الشارع حيوياً  بالنسبة للمرور في منطقة وسط البلد ..
تبع ذلك سور خراساني آخر في شارع الشيخ ريحان !!!
ثم مع احداث مجلس الوزراء ..
سور خرساني ثالث في شارع القصر العيني  الأكثر حيوية مرورياً ...
ومع الوقت هناك سور خرساني رابع في شارع يوسف الجندي .. الميت أصلاً .. واغلاقه من بدايته بمدرعة واحدة كفيل باغلاقه تماماً ..
الجهد والمال والوقت الذي يتطلبه اقامة سور واحد يجعلك تتساءل عن الحكمة من وضع أسوار مماثلة ...
وليت الأمر يقتصر علي هذا الحد ...
بل حتي الشرايين الضيقة التي تؤدي الي كافة الشوارع السابقة تم اغلاقها بأسلاك شائكة وحجارة خراسانية  !!!!
كورنيش النيل نفسه الذي كان إتجاهاً واحداً فجأة بقدرة قادر أصبح اتجاهين .. الأمر الذي تسبب في ( شلل) مروري بمعني الكلمة .
لم أنتبه لمدي العنت والمشقة التي يواجهها المارين أو أصحاب المصالح الذي كتب عليهم التوجه لهذه المناطق  إلا خلال الأيام السابقة ..
حيث كان الطريق الذي يأخذ ربع ساعة في أكثر الظروف مشقة .. صار يأخذ ساعة أو ساعة ونيف ..
ولم أستطع ان أفهم أي مبرر أمني يتيح إغلاق شوارع رئيسية ..
بينما يتيح لمئات السيارات الأقتراب من مبني السفارة البريطانية لعدة امتار عن طرق فتح الشارع الذي تقع به  الذي أغلق سنيناً من قبل بحكم الدواعي الأمنية !!!
الشارع نفسه ضيق ملئ بالحواجز المعدنية التي تأخذ شكل الزجزاج ..وتجعل مرور السيارات به يأخذ أوقاتاً مضاعفة !!
لقد صار الأمر أكبر من تأمين مبني أو شارع ..
هي خطة ممنهجة لإثارة ضيق وغضب المواطن العادي .. وإيهامه ان السبب في كل هذا هو الثوار وبقائهم في الشوارع دون ضابط او رادع .
أضطرتني الظروف للأقتراب أكثر ..
ومهما بلغت براعتي في الوصف لن تبرز كم العسكرة الموجودة بالشوارع ...
حين تسير علي قدميك متجاوزاً الأسلاك الشائكة والحواجز الحديدية والخراسانية وكم المدرعات المتمترس خلفها الجنود
حين يضيق الشارع فجأة ويقتصر علي ممر ضيق جداً يكفي لمرور شخصين جوار بعضهما فيشكلان فريق داخل والآخر خارج
حين تري نساء ورجال وأطفال يعبرون ببطء فتتذكر الضفة الغربية وغزة وحواجز الاحتلال ومعابر العدو الاسرائيلي ... والشئ الوحيد الذي ينقص المشهد هو لجنة فحص اوراق من الجنود ..
حين تري ضباط الجيش تخفي أعينهم نظارات الشمس الفاخرة .. مشمرين عن سواعدهم المفتولة يعبثون بهواتفهم الجوالة تدرك ان الموقف كله عبثي بالدرجة الأولي .
جنود الأمن المركزي  لاهين عابثين يتبادلون النكات دون زي كامل كأنهم في معسكرات تدريب ...
تحولت الشوارع – المفترض إنها ملك للشعب – إلي معسكرات شرطة وجيش يتحركون بها كيفما يشاءون ولهم الكلمة العليا في إغلاق هذا الشارع او ذاك دون النظر لمصالح الناس المعطلة ..
كان لازماً علي أن أسير ما يقرب من نصف كيلومتر وسط طقس شديد البرودة لا لشئ سوي أن الجيش والشرطة عاوزين كده ..
وزاد ألم قلبي حين رأيت شيخاً طاعناً في السن يتحسسس جدران المباني مستنداً عليها كي لا يسقط من التعب .. ويسأل جنود الأمن المركزي بتوسل : لسة كتير علي معامل وزارة الصحة يا ولادي ؟؟؟
كم شيخ وإمرأة وطفل بحاجة لرعاية صحية أغلقت عليهم الشوارع دون سبب ؟؟
كم ساكن كبير السن قدر له أن يترك سيارته بعيداً عن منزله مترجلاً ؟؟
كم مريض قصد عيادات أطباء باب اللوق والفلكي ومحمد محمود ومنصور ولم يستطع ذويه إنزاله امام عيادة الطبيب بسبب غلق الطريق ؟؟
ما الحاجة لاغلاق الشوارع بحوائط خرسانية تأخد وقتاً  لبنائها ووقتاً  أكبر لازاحتها ؟؟
أغلب سائقي التاكسي الذين ركبت معهم سبوا ولعنوا في التحرير و معتصمي مجلس الوزراء
لم يتطرق أحدهم – إلا من رحم ربي -  إلي كون الجيش تجاوز المدي بالحوائط الخرسانية التي حولت وسط البلد إلي قطاع غزة دونما سبب واضح ..
يقول الجهابذة الأمنيون ان الغرض حماية الداخلية وحماية مجلس الوزراء وحماية المنشآت الحكومية إلخ
نفهم من هذا إنكم ستبقون الجدران العزلة إلي يوم يبعثون ؟؟
أي حلول أمنية في وضع حواجز يتمترس خلفها الجنود ؟؟
أي سياسة أمنية في وضع أسلاك شائكة في منتصف المدينة ؟
أي إستقرار أمني في أغلاق الطرق وتكدير المواطنين ؟
أحلم باليوم الذي يصير به ميدان التحرير منطقة مغلقة خضراء تذخر بالنصب التذكارية وصور الشهداء
نري بها قصة كل شهيد سقط .. وكل مصاب فقد عينه .. او أصيب بعاهة ..
وقتها لن أغضب حين أقضي ساعات في الطرق ..
لأنني وقتها سأكون مدركاً ان كل قد نال حقه ..
===
من يستطيع أن يدرك الفرق بين صور مماثلة ..

العراق

فلسطين

مصر


0 تعليقات:

Post a Comment