وزارة السمك واللبن والتمر الهندي ...

on Sunday, August 5, 2012




كان لازماً ان أكتب ..
في ظل الظروف الملتبسة المرتبكة .. كان لابد أن أعيد تصفية ذهني و أعيد ترتيبه ..
لربما أنا المخطئ والجميع صواب ..
الجمهورية الثانية ...
ذلك المصطلح الذي نعتوا به مصر بعد تولي محمد مرسي عرش مصر ...
نعم .. قد يكون مدنياً ..
قد  يكون عسكرياً ..
لكن دعونا لا نخدع أنفسنا ..
واقع الأمر أن من يحكم مصر يحكم مملكة ببلاط وأغوات وجواري وغلمان ..
يحكم مملكة .. لا يرأسها وشتان بين الإثنين ...
لن أخوض في كم تعهدات مرسي فهي كثيرة وموثقة وقتلت بحثاً ولوماً وتقريعاً ..
لكن أتوقف عند تعهده بحكومة ( تكنوقراط ) تعمل علي تنفيذ برنامجه في أول مائة يوم 
وأهرع للمعجم الأكاديمي  باحثاً عن معني ( حكومة تكنوقراط )  فأجد التالي :

الحكومة التكنوقراطية: هي الحكومة المتخصصة غير الحزبية التي تتجنب الانحياز لموقف أي حزب كان وتستخدم مثل هذه الحكومة في حالة الخلافات السياسية.

مثال:دكتور متخصص في العلوم السياسية يسند له منصب رئاسة الحكومة, طبيب معروف وخبير في الطب ينال وزارة الصحة, ودكتور متخصص في الاقتصاد وزارة الاقتصاد, وآخر متخصص في التكنولوجيا وزارة الاتصالات وهكذا
...
==
ما حدث طيلة شهر كامل مضي لتكوين هذه الوزارة أبعد مايكون كونها حكومة تكنوقراط أو حكومة إئتلافية ..
الحكومة الائتلافية أو الوزارة الائتلافية هي وزارة في حكومة برلمانية تشترك فيها عدة أحزاب. السبب الشائع لهذا الإجراء هو أن أي من الأحزاب لم يحصل على أغلبية الأصوات في البرلمان. كما إنها تشكل في أوقات الأزمات كحالات الحرب أو الأزمات السياسية أو الاقتصادية الكبرى

تعاني مصر بشدة من أزمة إقتصادية طاحنة تبرر اللجوء للوزارة الإئتلافية ..
كذا تعاني من خلافات سياسية ضخمة تبرر اللجوء للحكومة التكنوقراط 
لكن واقع الأمر أنه ليس لدينا تمثيلأً نيابياً قوياً لتتشكل حكومة إئتلافية قوية ... وبالتالي حكومة التكنوقراط  أفضل وأكثر إستقراراً وتأثيراً للمواطن العادي ..
أول القصيدة كانت كفر بإختيار هشام قنديل كرئيس للوزارة ..
فلا هو سياسي مخضرم ... ولا هو أصلاً نابغة في مجاله .. بل شخصية عادية جداً أقرب ما تكون إلي الخمول والرتابة ..
لا يوجد أبداً وجه مقارنة بينه وبين أسماء عملاقة طرحت لهذا المنصب في فترة حساسة كهذه ....
علي رأس الترشيحات كانت البرادعي ..  أو حازم الببلاوى الخبير الإقتصادي ووزير المالية الأسبق أوالدكتور حسام عيسى أستاذ القانون الدستورى أو الدكتور محمد غنيم ..
وإن كان البرادعي لا يحظي بتأييد الإسلاميين إلا في أوقات معينة يرضون بها عليه ..
فالأسماء الأخري عليها شبه اتفاق جماهيري ( وهو الأهم ) .. وسياسي ..
لكن ( تقول لمين ) .....؟؟
==
البدايات السيئة تؤدي بالقطع لنهايات أكثر سوءاً ..
وهكذا .. يبدأ التشكيل الوزاري وسط صراع ( إخواني – عسكري ) ...
يساهم رئيس الوزراء بضعفه الواضح به فلا يكون أكثر من منسق للرغبات ..
ويساهم به الرئيس مرسي بإنصياعه لكلا الفصيلين ( العسكر والإخوان )  .. فلا يصبح أكثر من ( محلل لزواج غير شرعي أصلاً )
وتساهم النخبة والسياسيين بتشتتهم وتحزبهم في زيادة الطين بلة  ..
ويساهم به الشعب بصمته وتشتته وإنشغاله بألف شئ ..
==
التشكيل أقل ما يقال عنه أنه سيء جداً ..
فلاهو تكنوقراط فعلاً ..
ولا هو إئتلافي فعلاً ...
لا توجد معايير واضحة للإختيار .. هل يتم الإختيار علي أساس خبرات سابقة ؟؟
أم إنجازات سابقة ؟؟
أم ولاء لفكرة او نظام ؟؟
أم أنه مجرد تغيير روتيني بتصعيد قيادات الصف الخلفي للأمام ؟
الحقيقة ان التشكيل شمل كل هؤلاء ...
فلم تعد قادراً علي إيجاد قاسم مشترك أكبر أو أصغر حتي بينهم ..
الإنطباع الوحيد الذي تتلقاه مع كل إسم هو التساؤل إما ( من هذا ) أو ( كيف يأتي بهذا ) !!!!!!
==
أكثر إختيارين أستفزوني بعنف كان أحمد جمال وزير الداخلية .. وعبد القوي خليفة وزير للمرافق ومياه الشرب !!!!
إختيارين كهذين يبرز لك مدي الفجوة الصارخة بين الشارع والسلطة ..
نبدأ بالأول .. اللواء أحمد جمال مساعد وزير الداخلية للأمن العام  ..
لمن لا يعلم هو أحد شهود النفي في قضية قتل المتظاهرين، واقتحام أقسام الشرطة حيث قال في شهادته : أن الضباط لم يطلقوا النار على المتظاهرين إلا بعد هجوم المتظاهرين على الأقسام وتهديد حياة الضباط .
وهو أيضاً مدير الأمن العام أثناء أحداث محمد محمود التي قتلت الشرطة فيها بدم بارد عشرات المتظاهرين وفقأت أعين العشرات بأوامر رسمية
رجلاً كهذا .. في ظل أول حكومة لرئيس منتخب يطلق علي نفسه ( رئيس ثوري )  هل ننتظر منه تطهيراً وإعادة هيكلة لمؤسسة  ذاخرة بالفساد كالداخلية ؟؟
وعلي العموم لم يدخر الرجل جهداً .. فكانت أول تصريحاته :

قامت الثورة أساساً علي جهاز الشرطة ...
وارتفع سقف مطالبها بسبب وحشية الشرطة ..
الشرطة ( بعيداً عن أكليشهات ان منهم اخواتنا وولاد عمنا إلخ )  أقذر جهاز إداري في مصر .. الفساد به يكاد يكون قاعدة ..
لن تجد قطاع واحد به يخلو من سبوبة او فائدة علي حساب الشعب ...
الشرطة تحتاج لنسفها من الجذور وإعادة هيكلتها مرة أخري علي أساس علمي   ..
الحديث عن انها تطهر نفسها بنفسها مجرد لغو للاستهلاك الاعلامي ..
 وكل حركات التنقلات الضخمة لا تفرز شيئاً سوي تصعيد فاسدين من أسفل لأعلي ..
العقيدة نفسها غير سليمة ..
من ينكر للحظة أن هذا الجهاز هو أصل كل الشرور ؟؟
لم تزل الشرطة تقتل بعد الثورة وبدم أكثر برودة  .. فقد أمنت العقاب ...
لم يزل ضباطها القتلة لم يحاسبوا علي كم الدماء النقية التي اهدروها ..
 ولا كم العيون التي أصابوها ..
لم يزل لليوم الصلف والعنجهية عنواناً للتعامل رغم كل ما يقال في الإعلام ..
لمن لا يتذكر ..
هذا الجهاز هو الذي ترك مصر في بركة من دماء خير شبابها ليلة 28 يناير ..
هو الذي قام بفتح السجون وإخراج البلطجية والمسجلين للترويع ..
هو الذي اختفي تماماً ونهائياً فلم نلمح زي رسمي واحد طيلة شهر كامل ..
هو الذي عذب وقتل وأسر واعتقل الكثيرون حتي لحظتنا هذه ...
لن أنسي ولن ينسي أحد ان مصر كلها أقامت في الشوارع حول حلقات النيران تحمي منازلها في ثلج يناير القارص .
كل هذا .. ولم يحاسبوا ..
ولم يعاد تأهيلهم ...
ونأتي لهم بوزير من ذات  بينهم .. ونقول أن في هذه الحكومة أملاً ؟؟؟
هيهات ..

الوزير الثاني عبد القوي خليفة .. الذي عينه  عصام شرف محافظاً للقاهرة بعد الثورة .. ( وهو ما أعتبره إحدي سقطات عصام شرف التي لا تعد ولا تحصي )
وظل حتي يومنا هذا محافظاً لها من سوء حظها .. فزادت وأستفحلت مشكلة القمامة ..
ولدينا مكالمة هاتفية مشهورة جداً في شهر يونيو 2011 بينه وبين الإعلامي محمود سعد 
 هي نموذج للمسئول الروتيني ..
النمطي ..
صاحب البال الطويل..
الخال من أي أفكار إبداعية أو ثورية ..
والذي لا يجد غضاضة في قضاء عاماً كاملاً لحل مشكلة عاجلة .
وتنتهي المحادثة بإغلاقه الهاتف في وجه محمود سعد في أغرب واقعة لرد مسئول حكومي علي النقد . وكانت عبارته الشهيرة : أنا مسمحلكش تقيم شغلي !!!!!!!!!
امال مين يقيم ؟؟


وهو ذاته من أصدر قرارات بالأستيلاء علي أراضي ومنازل أهالي  رملة بولاق تحت دعوة المنفعة  لمنطقة سيتي تاورزالعامة دون تعويض لأصحابها .


كل يوم كان يمر كنت أتيقن من حتمية الإطاحة بمحافظ مماثل ..
الكارثة أنه تم تعيينه في موقع أكثر أهمية ليأذي الشعب كله بدلاً من إيذائه لمحافظة واحدة .
==
قمت بإستعراض سريع لأسماء الوزارة ..
7 وزارات سيادية  .. منها 5 نفس الوزراء المحسوبين علي العسكر ويزيدوا أداء البلاد سوءاً ..
دفاع وإنتاج حربي وخارجية ومالية ..
واثنين تم تغييرها بأختيارات من أسوأ ما يمكن .. الداخلية والإعلام
وتبقت وزارة وحيدة نحسبه علي خير هو المستشار أحمد مكي أحد قضاة الأستقلال وصاحب مواقف محترمة ضد الحكومة .. وان كانت الأقاويل تتحدث عن إتجاهه الإخواني .
=
وزارة الخارجية ..
هي إحدي الوزارات السيادية التي اضمحل وتلاشي دورها تماماً بعد تولي المرحوم احمد ماهر إياها .. ليتبعه إختيار أكثر سوءاً هو الوزير أحمد أبو الغيط ..
لكن في شهرين تولاهم نبيل العربي كوزير للخارجية أنصلح حال الوزارة بشدة وصار لمصر صوت قوي ومواقف دبلوماسية قوية ..
أتذكر التصريحات الشهيرة التي جعلت لوزارة الخارجية ومصر قامة ومقاماً :

نبيل العربي: مصر لا تعتبر إيران دولة معادية

العربي: مصر متعاطفة مع المعارضة الليبية ونحترم جيراننا

 ولا إهتمامه البالغ بدول حوض النيل لنزع فتيل الأزمة هناك ..

العربي : العلاقات المصرية الإفريقية متينة ولن تنفصم


لكن كان من الواضح انها زلة من العسكر وقتها تداركوها  ومنحونا أختيار أسوا
وهو الوزير محمد كامل عمرو ذو الأداء المكتبي والروتيني المعتاد .. والذي تم الأبقاء عليه منذ وزارة شرف الأولي وحتي الآن .. رغم أدائه المترهل والروتيني والبطئ جداً .
ورغم أن اداء الخارجية وتصريحاتها وحتي خدمتها للمصريين في الخارج يندي لها الجبين ولدينا بدل الحادث ألف حادث ..

- حادثة الصحفية المصرية شيماء عادل المحتجزة في السودان والتي لم يفرج عنها او يلتفت اليها احد سوي بالضغط الشعبي والاعلامي .
-حادثة المحامي الحقوقي أحمد الجيزاوي المحتجز في السعودية الذي لم تتحرك الخارجية من أجله إلا بعد 5 أيام من لضغط الشعبي والإعلامي .
والكثير مما لا أستطيع حصره في تدوينة قصيرة .
==
في لمحات سريعة أستعرض باقي الوزارات :
وزارة التربية والتعليم – إبراهيم غنيم .
اختار قنديل وزيرًا للتعليم، لم يكن منهمكًا فى العمل السياسى، أو يكن ضمن المتحدثين للإعلام، أو الداعين لتطوير التعليم فى مصر، بل اختار شخصية صامتة وغامضة وغير معروفة علي أي صعيد
وزارة البحث العلمي – نادية زخاري
وهي إحدي وزارات التمثيل المشرف للأقباط  وهي إمرأة كذلك .. فجمعت بين الصفتين توفيراُ للوزارات . وتكون مثلت كوتة المرأة والأقباط ..
وبشكل عام أنقسم تصنيف الوزارت إلي أربع أصناف غير متسقة : 

وزارة الحكم المحلي - احمد زكى عابدين
مرة أخري يتصدر العسكريون المشهد .. وقد صاروا عنواناً للفشل في أي مجال سياسي . اللطيف أن إختيار وزير الحكم المحلي الذي سيشهد احتكاكاً بالناس في أشد صوره .لم يأت به عسكرياً فحسب .. بل من محبي ومؤيدي مبارك أيضاً ..

1-    وزراء من حكومة سابقة وتم الإبقاء علي أغلبهم كرهاً وهم
وزارة الدفاع
وزارة الدولة للإنتاج الحربي
وزارة الخارجية
وزارة المالية
وزارة البيئة
وزارة التأمينات والشئون الإجتماعية
وزارة البحث العلمي والتكنولجيا
وزارة الآثار
2-  وزراء ينتموا بشكل مباشر للعسكر أو لفلول النظام السابق
وزارة التنمية المحلية
وزارة  الكهرباء
وزارة الإستثمار
3-  وزراء تم تصعيدهم من مناصب أقل إلي مناصب أعلي في شكل روتيني بحت
وزارة الداخلية
وزارة  الموارد والري
وزارة التعاون الدولي
وزارة الطيران المدني
وزارة  التموين والتجارة الداخلية
وزارة الثقافة
4-    وزراء ينتموا فكراً وتنظيماً للإخوان المسلمين مباشرة
وزارة الإعلام
وزارة الاسكان
وزارة التعليم العالي
وزارة القوي العاملة والهجرة
وزارة الشباب
5-  وزراء ينتمون إلي توصيف التكنوقراط .. بعضهم تكنوقراط حقيقي وكفء .. والآخر يوجد كفاءات أفضل منه بكثير
وزارة العدل ( تكنوقراط حقيقي وكفء )
وزارة الشئون البرلمانية ( تكنوقراط حقيقي وكفء )
وزارة الصناعة والتجارة الخارجية ( تكنوقراط حقيقي وكفء )
وزارة الزراعة
وزارة البترول
وزارة النقل
===
الحقيقة أن توصيف لبن – سمك – تمر هندي هو أقرب ما يكون لتشكيل هذه الوزارة ..
فلا تشكيلها يعبر عن تجانس ..
ولا طول فترة تشكليها ( شهر كامل ) عبر عن رؤية محترمة ودقيقة للمرحلة الراهنة .
لا أنتظر أي شيء من وزارة مماثلة .. فلا هي أرضت الأحزاب .. ولا أرضت الشارع ..
وذات اللعبة تمارس معنا مرة أخري ...
حكومة جديدة بعد شق الأنفس .. نصفها من وزراء سابقون متهمون بالأهمال والفشل ..
ونضج شهرين آخرين لتبديلهم لنكتشف ان النصف الآخر ليس أقل فشلاً .
وتمر الأشهر .. والسنوات ..
ومصر عارفة وشايفة وبتصبر ...
بس لحد امتي ...؟؟

3 تعليقات:

Anonymous said...

مقال رائع كالعادة و كاشف للعديد من الحقائق , ربنا يسترها على مصر
عزه عارف

Salmayat said...

مقال رائع واضاف لي الكثير
شكرا :)

Anonymous said...

لكنها فى لحظة زمن تعبر . ربنا قادر على كل شئ

Post a Comment