ماذا ننتظر من 25 يناير 2012 ؟؟

on Tuesday, January 24, 2012


يسألني كثيرون عن نيتي في النزول من عدمه في الخامس والعشرون من يناير القادم .. ثم يأتي السؤال الآخر : ماذا تتوقع ؟؟
وبغض النظر عن كوني لا أر نفسي أمتلك من الحكمة او جلاء البصيرة ما يؤهلني للرد علي تساؤلات مماثلة ..
إلا أن ذات السؤاال أسأله لنفسي باحثاً عن إجابة مريحة تخفف قليلاً من وطأة التوتر بلا جدوي ..
لكن الإجابة النموذجية في رأيي : أن هذا الشعب من المستحيل تقديره .. أو تحديد ردة فعله ..
فهو الثائر حين تتوقع خنوعاً وإنهزامية ..
وهو الخانع حين تتوقع إنفجاراً لا نهائياً ..
وهو المتوقد ذكاء وألمعية حين تتوقع بلادة ونمطية ..
وهو الصامت في هدوء ودعة حين تتوقع ثورة جديدة ..
شعب يصعب كثيراً أن تتوقع ردة فعله وإيمانه بفكرة أو دفاعه عن قضية ..
شعب يدهشك كثيراً في كل مرحلة .. ويجعلك تتساءل : أحقاً قد تغير هذا الشعب ؟؟
==
السيناريوهات المطروحة علي الساحة لا أخال المجلس العسكري ومن خلفه جيوش الخبراء والعلماء والمفكرين والباحثين لم يتطرقوا إليها ويتفحصوها ويقلبوها علي كافة أوجهها مدققين في كل تفصيلة وكل إحتمال وكل ردة فعل
وبالتالي فماذا سنضيف ؟؟
لكنهم – ولكننا – نفتقر إلي حسن التقدير ...
نتعامل جميعاً بالمنظور الهندسي البحت : معطيات – مطلوب – نتائج ..
ونغفل عامل الشعب المتغير في عناد ..
مجنون هو من يظن للحظة أنه سبر أغوار هذا الشعب ..
أو خبر أفاقه ..
أبله هو من يعتقد للحظة أنه قادر علي تحديد الخطوة القادمة لهذا الشعب ..
لهذا يرتفع معدل التفاؤل لدي .. علي أساس مقامرة بحتة ..
لست واثقاً من أي شئ .. وخصمي كذلك .. رغم أستعداداته المحكمة الإحترافية ..
وفي هذا أنا أفضل منه .. فلدي قابلية للتكيف والتعامل بإرتجالية ..

الموقف ببساطة أشبه بمباراة شطرنج بين بطل العالم وبين هاو ...
بطل العالم يمتلك آلاف الخطط في رأسه .. وعشرات السيناريوهات .. ومئات الآلاف من النقلات والنقلات البديلة ..
ويكاد أن يؤلف لك مباراة كاملة من الفعل ورد الفعل دون تدخل منك ..
وفي المقابل .. هاو أنت .. ارتجالي .. لا خطة محكمة لديك .. ولا هدف محدد ..
تقاتل في عشوائية بحتة .. وترغب في النصر بشدة ..
لهذا لن تغضب كثيراً لو خسرت قطعك واحدة تلو الأخري .. فلست تعتمد علي شيء بعينه ..
أما الخصم .. فحركة واحدة هوجاء من جانبك تطيح له بتسلسل أفكاره وتجعله ينجر جراً إلي عشوائية في التفكير والقتال تفقده كل مميزاته وتفوقه .
نهبط إلي الميدان يوم 25 يناير .. بشجاعة الهواة .. بعشوائية مقاتلي الشوارع .. لا نملك خطة .. ولا نملك مطالب .. ولا نملك توافقاً .. آملين في نصر مبين ..
فقط ندرك إننا حزاني ..
ثكلي ..
نشم رائحة الدم والمسك في كل شئ ..
ندرك إننا خسرنا الكثير بلا مقابل ..
وندرك – وهو المفجع – إننا لم نزل علي خط البداية لم نتقدم خطوة للإمام ..
==
أقول لصديقي : ينزل جميع الثوار لميدان التحرير آملين في الوجدان الجمعي للميدان .. الذي يوحد الصفوف والكلمة خيراً من أبرع القادة ..
يهبطون للميدان موقنين بالنصر ..
ممتلئين بالأمل ..
عازمين علي الصمود ..
تُري أيكفي هذا للنصر ؟؟
أسترجع بضع كلمات للثائر اللماح علاء عبد الفتاح حين يقول : من السابق لأوانه الحديث عن إعتصام بالميدان .. أو عن حدث ما سنقوم به ..
هذا رجل يدرك ما يتحدث عنه .. أنا أهبط للميدان بلا غطاء .. بلا شرعية فعلية .. بلا رصيد شعبي ..
أهبط لميدان تم فضه عشرات المرات وتم اختراقه مئات المرات ..
وشهدت أرضه عشرات الشهداء وسيولاً من الدماء لم تكف لإنفجار الشعب .
فكيف أنتوي الإعتصام مكرراً – بغباء الهواة – ذات الأخطاء ؟
ويأتي السؤال الهام : هل النزول عبث ؟؟
وهم ؟؟
ذكريات جميلة ونوستالجيا نهوي العيش فيها ؟؟
أعتقد أن الرغبة في النصر الكامل هي ما تحرك الجميع ... الإحباط الذي سقينا منه طيلة عام مضي فاض حتي أغرقنا جميعاً وصرنا عاجزين عن تجرع المزيد منه .. يدفعنا دفعاً للنزول دون أن نعتمد إستراتيجية رابحة أو موحدة ..
الهدف واضح .. والإستراتيجية غائبة ..
إنجاح هذه الثورة هو الهدف ..لذا كل الخيارات مفتوحة حسب إرتجالية الخطة .
لم يفارق مخيلتي طيلة هذا الشهر مقال الرائع تميم البرغوثي والذي يتميز بكونه محلل سياسي دقيق جداً بالاضافة لروحه الثائرة المعجونة بروح الفن والشعر .. .. وقد نشر في الثالث من هذا الشهر بعنوان : قصر الرئاسة الجديد
والذي تحدث فيه عن زهد الثوار في الحكم والسلطة .. وهو الأمر الذي تسبب في الدوامة التي نعيشها الآن ..
المقال بأكمله رائع وأنصحكم بقرائته من هنا :  قصر الرئاسة الجديد
لكن ما يهمنا به هو تلك الفقرة الأخيرة:

لقد رأينا كيف أن المتظاهرين فى الميدان كانوا يحصلون على جزء من مطالبهم بعد كل مليونية، هذا ناتج عن إدراك العسكر أن هذه الملايين الساكنة فى الميدان ربما تتحرك، وناتج أيضا عن إدراكهم أن هذه الملايين حتى إن لم تتحرك، فإن بقاءها بأعدادها فى الميدان، لو بقيت، يمنع الدولة التقليدية، دولة مبارك والعسكر من بعده، الدولة القاطنة فى مبانى الإذاعة والداخلية والدفاع، يمنعها من أن تمارس الحكم، بل يجبرها أن تمارس الطاعة، عاجلا أو آجلا يقبل القصر برأى الشارع، لأنه لن يستطيع فرض أى رأى آخر، وكأن الميدان هو قصر الرئاسة الجديد.والدولة الطاعة، فإن كانت تطيع ولا تطاع، فقد هدمت، وحلت محلها دولة القوم الذين تطيعهم، دولة الميادين.
وأيضاً :
إن العدد وحده كافٍ لإثناء الحاكمين عن استخدام القوة المسلحة. كما يستطيع المتظاهرون أن يفرضوا انتخابات رئاسة الجمهورية فورا إن أرادوا، فيضمنوا بذلك أن هناك قوة ما فى الدولة الرسمية تستطيع إقالة العسكر بدلا من اضطرارهم هم أن يقفوا فى الميادين بالأيام. فإن عارض العسكر الرئيس الجديد حماه النازلون إلى الشوارع وكذلك يستطيع الناس أن يفعلوا مع كل قرار يتخذه الحكام، فالحاكم إذا كان مضطرا أمام الولايات المتحدة، فإننا نجبره أن يكون مضطرا أمام ميدان التحرير كذلك، واضطراره لميدان التحرير أكبر، لأن المسافة بين الميدان وبين قصره أقصر بكثير من المسافة بينه وبين واشنطن والبنك الدولى وتل أبيب.
وكذلك :
فى الخامس والعشرين من هذا الشهر إذن سينتهى حكم العسكر، حتى وإن لم يقترب الناس من المبانى، وظلوا معتصمين بأعدادٍ كبيرة، وسيدوم حكم العسكر إن نزل الناس للاحتفال ثم عادوا إلى بيوتهم

لا نقول المزيد حين نكرر مقولة البرادعي خالدة الذكر : 

قوتنا في عددنا .. قوتنا في صمودنا ..


لكِ يا مصر السلامة
وسلامًا يا بلادي
إن رمى الدهر سهامه
أتقيها بفؤادي
واسلمي في كل حين




4 تعليقات:

عمرو ابو العزم said...

اتوقع نفس سيناريو العام الماضي مع بعض الاضافات
مثل : احنا اسفين ياريس / حملة مليون توقيع للمجلس

موافقك جدا انه يوم منتظر و تاريخي بجد ، هيتحدد عليه كتير من مصير البلد و مستقبلها
طموحنا كشباب اكبر من عقلية الشعب كله ، اصرارنا على تنفيذه و الوصول اليه هيكون في اليوم ده
يا نكمل مشوارنا و حلمنا الكبير بمصر اجمل و افضل
يا نتحمل الحياة من جديد تحت الظلم و القهر و الغطرسة في دولة بوليسية عسكرية بشكل جديد

Anonymous said...

جميلة ما شاء الله يا معتز و انا بصراحة مشعرفه اتوقع ياترى ممكن يبقى فيه اعتصام و ياترى ممكن يهجم و عليه العسكر اتمنى ماحدش يموت تانى و يارب يحفظ مصر و يارب الثورة تستمر
عزه عارف

Lomy said...

العام الماضي كنت محبطة جدا و لم اتوقع اي مما حدث .. و انا على نفس الحال هذا العام و اتمنى ان تسير الامور مثل ما صارت سابقا ... المهم فعلا العدد الضخم - الملايين- و جيب ان يكون العدد تحت شعار الثورة مستمرة و اعلان ضخم كبير على بناية التحرير به مطالب الثورة مثل ما كان سابقا ..اعتصام او غيره هذا ما ستتحده مجريات الاحداث و لكن طالما هناك من سينزل بغير هدف الاحتفال المخزي و هدفه استكمال الثورة فهناك امل ان شاء الله

خوخة بنت فواكة said...

لن أُخفي عليك : أن قبل أحداث ٢٥ يناير الاولى بأسبوع جائني هاتف بأن مبارك سيترك الحكم بزئير أسد ولكن ظل السؤال المحير كيف ، متى ؟؟ يداهمان عقلي طوال ماقبل الاحداث ،، أما عن لماذا فكلنا نعلم الاجابة جيداً ، ولو كنت قلت هذا لاي شخص قبلها لكان رده " إتغطي كويس قبل ما تنامي " وحصلت المعجزه التي أبهرت عالم بكامله ، وشعرت أن الغمه إنزاحت لكنها لم تنقشع تماماً ، ليكتمل تنفس هذا الشعب برأتين فمازلنا نتنفس بنصف رئه قابله للتوقف إذا أستمر هذا العجز ولم يسمح لهواء الحريه التغلل بالكامل ليعمل المخ بشكل صحي … هذا العام متأكده أن باقي الغمه ستزول … كيف بإراده شعبيه على كف قدر لا يعرف المستحيل … لأننا أصحاب حق دائماً .
في النهايه ؛ أشكرك على مقالتك الاكثر من رائعه
كن بخير دائماً :)

Post a Comment